عزلة و اعتزال
[ذات الألواح]
باسم اللّه
منذ ما يناهز عقدا من الزمن حتى يومنا هذا اعتزلت مشاهدة السلسلات و المسلسلات و الأفلام
عِقد ما شاهدت خلاله سوى خمسة مسلسلات تاريخية أو أربع و إصدارا سينيمائيا واحدا كان عنوانه
Str8 Outta Compton
ذلك لأرى كيف تطرّق أصحابه لموضوع انفصال الرابر
Ice Cube
عن مجموعة
N.W.A
و ارتباطه بزوجته
Kim
في سن مبكرة ليعرف استقامة و استقرارا أسريا كان لهما أثر حسن على حياته و على جودة الأفكار و المبادئ التي طرحها في أعماله طيلة مساره الفني خلافا لزملائه السابقين و العديد من أقرانه و من تلاهم في الميدان الفني و الذين استأنسوا بحياة المجون و روجوا لها في إصداراتهم الغنائية و السينيمائية و انغمسوا في الملذات و اتباع الشهوات و فيما لا يليق بمن جعلوا من أنفسهم و جعلت منهم منظومة صناعة الفن و الترفيه قدوة للشباب و المراهقين
لا تعجبوا من اعتزالي هذا
إنّ جلّ الصناعات السينيمائية في العالم إن لم نقل كلّها صارت تدور في فلك واحد
هو نشر الرذيلة و الإنحلال الأخلاقي و الفحش و الذياتة و الدياثة و قتل الغيرة في النّفوس و الترويج للإلحاد أو لعبادة إبليس و الذي يسمّونه لوسيفر أو حامل الضياء لا بل و تأليه الإنسان على الأرض سواء بتعبير صريح أو عبر رسائل مبطنة
لا عجب في ذلك
ما دام المتحكمون في تلك الصناعة هم من أصحاب العرفان التصادمي الّذين يدعون إلى التمرّد على مشيئة الإلٰه الخالق و يعتبرونه إلٰه شرّيرا يسعى إلى حرمان الأنام من الملذّات و من العلوم و المعارف
يقال أنّ الشيء بالشيء يذكر و أنّ الكلام يسوق بعضه و بالتالي قادني اعتزال السينما إلى اعتزال العديد من البرامج المتلفزة ثم اعتزال وسائل التواصل الرقمية فايسبوك و انستاغرام و اعتزلت كذلك الألعاب الإلكترونية
كما أنني اعتزلت الأصدقاء
لا صاحب لي اليوم و لا صديق من بني البشر إلا نادرا ما أجالس بعض معارفي ممّن لا يزعجونني بالحديث عن الفاتنات و لذة معاشرتهن لحثي على تلك العلاقات العابرة المقيتة
بالتالي صار اعتزالي عزلة و إن لم أهجر القوم بجسدي و لم أرتحل عنهم برجلي و لم اختلي بنفسي داخل كهف حقيقي إنّما هاجرت من محيطي إلى روعي تركت مذاهب القوم و تياراتهم الفكرية و السياسية تبرّأت منها و ركنت لأمر العرفان و الهدي اللدني و ما يقذف اللّه من نور في باطني و في صميم الفؤاد و إن حاورت من حاورني في أمر دنياه و كلّمته في شأنه و بمنطقه ظاهر اللّسان إلّا أنّ تدبري و تفكري في كلّ حين منصب على الأمر الجليل الذي وكلت به من لدن الإلٰه و كلّ من أطروحات القوم يوزن في الخفاء عندي و يقاس بعرف عرّفنيه ربّي عرفانا و إنّي ما هجرت القوم بروحي و فكري إلّا لأنّهم رأوا في أقوالي و نصيحتي هجرا و حسبوا هديي هذيا و ما كنت لأهاجر في سبيل اللّه بجسدي و قد شاع الفساد في البرّ و البحر و اتخذ الناس في أقطاب الأرض كلّها أوثانا معنوية خفية يصعب اجتثاثها من النّفوس و إنّي أراها عندهم مرجوة و مقدّمة و أشدّ رسوخا من تلك الأصنام الحجرية و الخشبية و المعدنية التي عكفت عليها الأقوام في الأزمنة الغابرة فهجرت إذن لحما و دما و ظاهر رأي العين و سمع الآذان الصمّاء عن الحقّ
هذا الذي ألزمنيه ربّي بتدبيره الحكيم
يا قرّاء! ... يا دارسين! ... يا عارفين! ... يا ملأ القوم ... و يا أيّتها الرّعية!
إنّها العزلة و الإعتزال
سفينة النّجاة
هي ذات الألواح الّتي حملت عليها من كلّ صنف زوجين
زوج من حقيقة و خيال
زوج ممّا أوحي و ممّا سُطر
زوج من الذكرى و الأشواق
زوج سرّاء و ضرّاء
زوج بشائر و وعيد
و زوج ضدٍّ نقيض لا يفترق و لا يندمل زوج من الآلام و المآسي هو زوج ندامة و عِبر
Comments
Post a Comment