قَراطِيسُ مُمَزَّقة و أفكار مُبَعثَرَة

المُقَدِّمة

القِرطاسُ الأوّل

القِرطاسُ الثّاني

لاحظتُ أنّ أكثَر المؤثّرين و المُؤَثّرات على مواقع التّواصل الإجتماعي يعانون من عُهرٍ في عُقولهم، صُورٌ جذّابة و كلامٌ فارغ

لاحظت ذلك من خلال الفترة الطّويلة الّتي أمضيتها على فايسبوك

لكن لمّا حللتُ بأنستاغرام لفترة وجيزة فهمت لماذا أشاروا إلى أنّ الشّركة المالكة للموقعيْن متورِّطة في التأثير سلبا على المراهقات و إفساد أخلاقهنّ و ذلك في التّقرير الّذي قُدّم للكونغريس الأمريكي من أجل المصادقة على متابعة الشّركة قضائيا

قيمَة الذّيب

القِرطاس الثّالث

الجميع يضرب المثل بوفاء الكلاب للبشر، و أنا أضرب

 المثل في ذلك بمجتمع الذئاب و علاقتهم ببعضهم البعض 

وفاء الكلب لصاحبه  إخلاصٌ  لسيّدِه  الّذي يُطعمُه و يأمُرُه و ينهاه و بعض أنواع الكلاب قد تنقلب على صاحبها و تؤذيه إذا غفل عنها أو تساهل معها أو تقاعس في إطعامها

أمّا وفاء الذّئاب لبعضها البعض ينُمّ عن العِشرة الطيّبة و بِرّ الوالدَين و التّفاني و التّضحية من أجل الكيان أو القبيلة دون أن ننسى حُبّ الصّاحبة و الإخلاص لها و الحزن لفقدانها

مجتمع راق و نزيه و مُنظّم، لا عجب أنّ العرب قديما كانوا يُلقّبون الذّيب بسَلِيل المُلوك، هو فعلا من فصيلة السّباع رغم شبهه الكبير بالكلاب من حيث المظهر لكنّه ملكُ الغابة بفضيلته و ليس بسطوته على باقي الدّواب و كلّما تأمّلتُ  أسلوبَ عيش الذّئاب في البرّيّة، تذكَّرتُ قول اللّه تعالى 

أشِدّاء على الكُفّار رُحماء بينَهُم

لستُ صَدِيقَك

القِرطاس الرّابع

أكنّ الكثير من الودّ و الإحترام لبعض معارفي و بعض الأصدقاء القدامى، لكن و لعِدّة أسباب أعتبر نفسي وحيدا و أفضّل أن لا أسمّي علاقاتي مع النّاس صداقة و أن لا أربط علاقات جديدة خارج إطار العمل و التّجارة و المنفعة المتبادلة، معظم النّاس اليوم يدّعون الصّداقة لكنّهم لا يعون مدلول و قيمة هذه الكلمة و بالتّأكيد لست في زمن عيسى ابن مريم عليهما السّلام ليكون لي حواريون و لست في زمن محمّد عليه الصلاة و السّلام ليكون لي صحابة مُقرّبون يفدونني بأرواحهم، بل هذا عصر كثُر فيه الشّامتون و المستهزئون و المُخادعون و المُتربّصون بأعراض النّاس

مازلت أجالسُ بعض معارفي من الذّكور بين الفينة و الأخرى،  أخالطُهم و أخوض معهم أطراف الحديث لكن في حُدود، مُخصّصا لذلك أقلّ من جزء بالمئة من وقتي

أمّا الإناث، خالطتهنّ و ربطتُ صداقات مع بعضهنّ  لفترة قصيرة بعد بلوغي سنّ الرّشد على غير عادتي آنذاك  لأنّني اعتقدتُ أنّ خوض أطراف الحديث مع الفتيات سيُطلِقُ لساني الّذي كان ينعَقِدُ أمَام مَحبوبتي و سوف يُساعدني على فهم طبيعتها الأنثوية، لكنّي كُنت مخطئا و لم يجلب لي ذلك سوى مزيدا من المشاكل و الحيرة في أمري، كان الأجدَرُ بي أن أُعامِلَها و أحاورَها كمَا أفعَلُ مع نَفسي لأنّها كانَت تُمثّل انعكاسا لصورَتي و امتدادا لِوِجداني

مرّ على ذلك أكثر من عشر سنوات، اعتزلتُ فيها مجالس النّساء و الدّردشات و لم أختَلِي بإحداهن قَطّ، إلى أن أراني اللّه في المنام و اليقظة أنّ إحدى الآنسات تحتاج بعض الدّعم فتواصلتُ معَها  ودارَت بيننا أطراف الحديث كتابة و صوتا عبر الهاتف، لعلّ اللّه جعل في ذلك عبرة لي و لغَيري، المُهِمّ قرّرتُ أن لا أكسِر تلك القاعدة مجدّدا

أنا لا يليق بي الدّردشة مع النّساء الغريبات أو الإستئناس بمجالستهنّ و لا حتّى اللّغو مع الرّجال و الخوض في سفاسف الأمور، فقط الكلامُ فيما يُفيد

فطنتُ أيضا لقاعدة أعرفها في تأويل الرؤي لكنّي أغفل عنها بين الفينة و الأخرى، هي أن لا آخُذ الرؤيا بظاهرها بل بالدّلالة و الرّمزية، أحيانا يجب أن تكتفي فقط بتأويل إسمِ الشّخص الّذي تراه في منامك بناء على معناه اللّغوي أو صفات و سيرة النّبيْ أو الشّخصية التّاريخية الّتي كانت تحمل ذلك الإسم

إسمَي أمين و وفاء مثلا يرمُزان للصّدق و الإخلاص و الخُلُق الكريم، أيّوب يرمز إلى الصّبر على الإبتلاء، الشّفاء بعد المرض، الفقر بعد الغنى أو الغنى بعد الفقر و إلى الزّوجة الصّبورة و المُتفانية و ذلك حسب تفاصيل الرؤيا و حال الرّائي، اسم حفصة قد يرمُز في منام الرّجل إلى الزّوجة الصّالحة ذات حسب و نسب، أمّا فاطمة الزّهراء ترمُز إلى أنّ الرّائي يُفوّض أمرَه للّه و يثِق في التّدبير الرّباني و أنّ اللّه سيحقِّق له رجاءه و اللّه تعالى أعلَم

القِرطاس الخامِس

أتذكّرُ سذاجتي في مُقتَبَل الشّباب و كيف كنتُ أضع الثّقة و أفتَحُ قلبي لكلّ من يُجاملُنِي و يبتسم في وجهي و يمازحني و يتصنّعُ الوِدّ و الإهتمام بشأني و حبّ الخير لي و السّعيَ من أجل مصلحتي

أتذكّرُ حينما كان يُصِرُّ أحدُهم على أن أهبَه أو أبيعَه بعض ملابسي و حِليّي بداعي أنّها أعجبته أو لأنّه يريد أن يحتفِظ بها تذكارا مِن فرط حُبّه و تقديره لي

في كلّ مرّة استجبتُ له و أعطيتُه ما يُريد، كان يدّعي بعدَها أنّ أغراضي لم تعُد بحوزتِه و لا يدري أينَ و كيفَ فقَدَها

تذكّرت هذا الأمر بعد أن مرّ عليه أكثر من عقد من الزّمن، و بدا لي أنّه منذ ذلك الحين ساءت أمُوري كثيرا، انكسر فؤادي و فؤاد من أُحِبّ، دخلتُ في صراع مع نفسي و في أزمة عاطفية، هوَت عليّ الإضطرابات و المشاكل مِثلَ السّيْلِ العَرم و تَدهورَت حالتي النّفسية

كلّما أخبرتُ أحد أقاربي أو معارفي بهذا الأمر كان ردُّه بأنّي خُدِعت و بأنّ ما أُخِذَ مِنّي آنذاك سُخّرَ ضِدّي و كان أحدَ أسباب معاناتي و بأنّ ذلك واضح وضوح الشّمس، حتّى من هُم عقلانيون لا يقيمون اعتبارا للرّوحانيات و لا يؤمنون بأثر السّحر على الإنسان يَجزِمون أنّ أغراضي تِلك بشكل أو بآخر استُعمِلَت للنَّيْلِ مِنّي

لكنّني لن أنتَقِم و لن أُحاسب أحدا، الأمر واضح في قرارة نفسي لكن ظاهريا هو شكّ و تخمين لن أبني عليه في مُحاسبة الأشخاص، المسألة مُبهمة و الدّليل الملموس مازال مفقودا

القِرطاس السّادس

الأصدقاء؟ ليس لي أصدقاء، أنا أحاول أن أكون لطيفا مع الجميع أساعدهم إذا قدرت على ذلك، أبتسم في وجوههم، أتأدّب مع من يتأدّب معي، أتفادى مجادلة السّفهاء و الرّدّ عليهم ما استطعت، أحِبّ الخير للجميع لذلك أنصح و أواسي و أحاول أن أنفع النّاس بما علّمني ربّي و لا أفرّق في ذلك بين عربي و أعجمي، بين كافر و مسلم، فإيمانك مسألة بينك و بين ربّك يحاسبك عليها، لن أمُدّ لك يدي بسوء ما دُمت لم تؤذيني

نُصرَةً لَها

القِرطاس السّابع

روحي التّوأم.... أكتبُ فيها شِعرا و نثرا.... ليسَ إبرازا لقدُراتي اللُّغوية...ليس تعبيرا عن مشاعري فقط....بل نُصرةً لها...ضدّ من كادوا و مكَروا و لازالوا يفعَلون... من كانوا يذُمّونها و يذكرون مساوئها أمامي في الماضي لأَمِيل عَنها....أو من كانوا يحاولون توريطي في علاقات غرامية عابرة من أجل إغاظَتها و لأسقُط من عينَيها...مرّت السّنين و لم أنسَها...أنا مُمتنّ لها....إذ جعل اللّه لها فضلا فيما أنعم به عليّ من علم و حكمة و فضيلة...وفائي لروحها و إخلاصي لذِكراها جعلني أسمو بروحي و أهذّب نفسي...ركَنتُ لرَبّي مُتدبّرا آياته و الحكمة من ابتلاءاته...معتزلا التّفاهات و مجالس المُجون...و الآن...أَحيَى اللّهُ بداخلي روح المحارب و الدّهاق و الأمير...و أصلحني بعد أن كِدتُ أزيغُ مُنصاعا لِقَومٍ قَسَت قلوبُهم و اتّبَعوا الأهواء و الأماني...جعلَني منارة بيضاء يستطيع أن يهتَدي بِضَوئها كلّ رُبّان سواء كان يقود أسرة أو قبيلة أو شَعبا...راضٍ بقضائه و قدَره...مُستسلم لمشيئته...و إن لم يُحقّق لي رجائي في الدُّنيا...سأجِد أضعافه في الآخرة...جزاءً بما صبَرتُ و احتسبتُ و رحمة مِنه...هذا يقيني بِرَبّي...هو العدلُ لا يُضيع أجراً.. مَنَّ اللّهُ عليّ بحُبّها...و جعل لها فضلا في تغيير حالي... من نفس خبيثة و قلب آثِم إلى روحٍ صافية و سريرة نقيّة...فصِرتُ نَبِيّا للعشق و رسولا للعِفّة...لِذلك سوفَ أسامحُها مهما أذنَبَت في حَقّي سائلا اللّه أن يغفر لها...و أن يُسعِدَها...و يجعَلَني سنَدا لها أُعينُها على أمور دينِها و دُنياها...و اللّهُ المُستَعان...أمّا هُم...حسابهم عند اللّه و ليس عندي...إن شاء هداهم و رحمهم...و إن شاء مدّهم في ضلالتهم و ظُلمهم حتّى يلقوه بوُجوهٍ مُسودّة و قُلوبٍ عاتِمة

جُذُور

القِرطاس الثّامن

أحيانا أبكي عندما أكون مُختليا بنفسي، يقولون أنّ الدّموع لا تليق بالرّجال لكنّ الأنبياء و الصّالحين و الصّحابة كانوا يدرفون الدّموع و قد أنجَزوا ما لم يقدر عليه غيرهم، هُم قُدوَتي و لا أهتَدِي بِغيرِهم

القِرطاس التّاسع

قد أعادي قوما أو بعض الأشخاص لكنّني لا أحقد  و رُبّما أُحسِنُ إليهم في حين أنّهم يكيدون لي، لا عجَب في ذلك فأنا سليلُ قوم حاصرهم في قديم الزّمان ملك نصرانيّ بجيشه فاستعصت عليه حصونهم، العجَبُ أنّهم كانوا يقاتلونه نهارا و يمُدّون مُعسكَره بالطّعام و الدّواء ليلا، حين سأَل بعض الرّهبان أخبرُوه أن لا سبيل له على هؤلاء القوم، هم من نسل المُلوك و سينزِلُ قريتَهم نبيّ آخر الزّمان المذكور في التوراة و الإنجيل، بعدها أمَرَ بفَكّ الحصار، جمع جنوده و عادوا أدراجهم

بَأسٌ شَدِيد

القِرطاس العاشر 

بعد أن قتل قابيل أخاه، تعلّم من الغُراب كيف يُواري سوأته تحت التُّراب

أمّا أنا، تعلّمتُ من ذئاب الغابة و فهودها و أسودها أن أترُك عدوّي أشلاء فوق التّراب عبرة لغيره  و لِتتغَذّى عليْه آكلات الجِيَف

القِرطاس الحادي عشر

لم أتلقّى أيّ تكوين عسكري لكن تعلّمتُ من نصوص الوحي و دروس التّاريخ أن إذا دخلتُ قَرية ظالمة، دخلتها  فتّاكا  حتّى إذا سلّمَ أهلُها و انصاعوا و طلبوا الأمان، أمّنتُهم و أحسنتُ إليهم و أقَمت فيهم العدل

الخَاتِمَة

القِرطاس الأخير

موسيقى للإستئناس (بوكلثوم - عالي)

كلمات الأغنية

كل ما نوصل قاع بنهادي

أدناه قاع يلالي

بوقع بهجم على ركابي

لسّا سقف الحلم عالي

سنين عن السطح نسقط

و أنا بوقع من خلالي

غابه و يا خلي ننجو ولو تدري

سل سيفي و امضي و اضرب من قهري

ما ناسي كلشي ولا ناسي ذلي

من عتمة هالليل فارقني ظلي

رقبه سداده زناد و سبابه

و من نص رقابه حقي دبابه

و يلي تموت أسبابه ذاته الموت ما يهابه

عنك صار السطح عالي

و أنا عم بوقع من خلالي

عالي

كل ما نوصل قاع بنهادي

أدناه قاع يلالي

لسا مكمل على ركابي

لسا سقف الحلم عالي

سنين عن السطح نسقط

و أنا بوقع من خلالي

عالي

جينا للأخضر شبعنا من اليابس

وقت الدك يا خال الرجال ذيابه

و انته بتحشي وجهك لنياعك جايه

حدّي طوفان و بركانك ناشف

ولو قدم الثار حقي ما بيعه

صار من الخلفيه صوت اللويعه

يطعمينا بعض الحطمنا جيعى

تعبت حيطاني صور الوديعه

و أنا عم بوقع من خلالي

عالي

كل ما نوصل قاع بنهادي

أدناه قاع يلالي

بوقع بهجم على ركابي

لسا سقف الحلم عالي

سنين عن السطح نسقط

و أنا بوقع من خلالي

عالي