بسبب عِفّته و إعراضه عن الفاحشة، سُجِن يوسف عليه السّلام خلف قضبان من حديد، أمّا أنا سُجنت بسبب ذلك خلف حواجز نفسية مكبّلا بأغلال لا تراها العين لكنّ القلب يئِنّ لألمها تحت وَطْأة جلّادي وهو مجتمع ثنائي القُطبِية
قُطبٌ وجدوا ملاذهم في التديّن الظّاهري و هو شكل و هندام، عبادات بالجسد و دعاء لا يتجاوز الحَنَاجر و ركضٌ وراء السُّمعة إرضاءً للنّاس و لِيسلَمُوا من حِدّة ألسِنتهم، لأنّهم هم أنفسهم يلغون في أعراض النّاس دون التّمعّن في صميم الأخلاقيات
القُطبُ الآخر قومٌ يُصلّون لقِبلة الرّوم لا يُقيمون للوحي و لا لِشرع اللّه اعتبارا، لا يؤمنون أو يقولون أنّ الإيمان في القلب بينما هو إيمان باللّسان فقط و لذلك لم تستجب له جوارحهم، أدب في الكلام و حركات و مبادرات يُلمّعون بها صورتهم و يتشبّتون من خلالها بأهذاب المجتمع الحداثي، كلّ هذا لا يعنيني إلّا أنّهم كفروا بخُلُقي و غيرَتي و اعتزلوا أمثالي فقط لأنّنا نُطهّر أرواحنا و مضاجعنا، سَخِروا منّا و احتقرونا و أصَرّوا على مَحوِ قِيَمِنا و تغيير مبادِئنا و سَخّروا لذلك الشَّاشات و الأقلام و التّنظيمات و المحافل و الحفَلات و بناتهم و أبناءَهُم في المدارس و الجامعات، إذا دعوتَهم و قلتَ بأنّنا نُحاول الإقتداء بخُلُق الأنبياء و الصّالحين و بِنَهجِهم فمالَكُم تستكبرون؟ سَخِروا منك و أجابوا بكبرياء و غُرور... تِلكَ أساطير الأوّلين و نحن نعيش في القرن الحادي و العِشرين
يُصلّون لقِبلَة الرّوم لكن أين هُم من نبيّ الرّوم أيّوب عليه السّلام في صبره على البلاء و أدبه مع ربّه و حُسن ظَنِّه باللّه، أين هُم من زوجته الّتي صبرت على الفقر بعد الغنى و على مرَض زوجها و فُقدان الأولاد و كلام النّاس و نفورهم منهُما، ضحّت من أجل زوجها و احتسبت ذلك للّه إلى أن جاء الفرج فشفاهما اللّه و خلف لهما أضعاف ما كانا يملكان من أموال و ذُرّيّة و أعاد لها شبابها
أبو عابر
Comments
Post a Comment