أحد الشّباب و هو في الثامنة عشرة من العمر رأى في منامه أنّه كان في حرب مُدافعا عن أبراج عالية و أنّه كان محاصرا داخل أحد تلك الأبراج محاطا بالنّيران و الدّخان و الدّمار
كان يشعر بالذُّعر، فجأة ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم شابّا في أبهى حلّة كامل الصّفات مرتديا لباسا أبيضا، ومع ظهوره إختفت آثار الدّمار و اطمأنّ الرّائي فتقدّم مبتسما مطأطئا رأسه ليسلّم على الرّسول و يمدحه و يشكره بطريقة فيها بعض التملّق إلّا أن محمّدا علي السّلام نهره بنظرات غاضبة دون أن يُكلّمه ثُمّ التفت و انصرف
بعد ذلك بخمس سنوات، رأى هذا الشّاب نفسه في المنام و كأنّه يقف وحيدا مُحاطا بالظّلام الحالك، فجأة ظهر له مارد يلبس السّواد و في وجهه ظُلمة و هو يُريدُه بسوء، خشي الشّابُّ الماردَ لوهلة لكنّه تشجّع بعد ذلك و تقدّم لمواجهته
فجأة ظهر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بنفس الصّفات الجسدية الّتي ظهر بها في الرؤيا الأولى إلّا أنّه كان يرتدي قميصا أحمرا ناعما و كأنّه مصنوع من حرير و كان مُطرّزا باللّون الأخضر، ثُمّ أشار بيده فانبعث نور أصاب المارد و جعله يختفي و يتلاشى
نظر الشّاب نحو رسول اللّه عليه السّلام و حيّاه من بعيد مبتسما رافعا رأسه و كأنّها تحيّة سريعة من مُحارب منشغل بوقع السّيوف أثناء المعركة، فابتسم مُحمّد صلّى اللّه عليه و سلّم في وجه الشّاب و حيّاه بمثل تحيّته مُوجّها نحوه نظرات تَنُمّ عن الرِّضى
***
رؤيا الرّسول بصفاته الجسدية و الخلقية الحسنة الّتي ذكر بها في حياته عموما هي رؤيا حقّ خاصّة إذا كانت أحداث الرّؤيا واضحة، فالشياطين لا تتمثّل في صفته، و رؤيا الرّسول في المنام لها عدّة تفاسير موجودة في بعض المواقع على الأنترنيت لعلّ أبسطها بالنّسبة لهذا الشّاب أنّه سيعاني من عدّة مشاكل و اضطرابات في الحياة قبل أن ياتيه الفرج من عند اللّه، و بالفعل مرّ هذا الشّاب بفترة طويلة عانى خلالها من الأسى و الإكتئاب و عرف مشاكل و اضطرابات صعبة
لكن رؤيا الأنبياء ليست بهذه البساطة و هي لا تخصّ صاحبها فقط، بل أهلَ الإيمان جميعا، و قد تعبّر عن حالهم في فترة من الفترات خاصّة إذا كان ذلك النّبي من أولي العزم
تأويلها كتأويل غيرها من الرّؤى ليس متاحا للجميع بل يحتاج لعلماء أو مفسّرين أكفاء أو لأشخاص ذوي بصيرة و حكمة تخوّل لهم معرفة ما تحمله من بشائر أو تحذيرات أو تعاليم أو أنّها فقط تُعبّر عن الحالة النّفسية للرّائي أو عن مخاوفه و أمنياته و ذلك بعد الإطّلاع على أحواله في اليقظة ، و بإمكان الشّخص تأويل بعض رؤاه بنفسه إذا كان لديه نصيب من الحكمة و الفطنة و معرفة الذّات و درايةٌ لا بأس بها بنصوص الوحي و أحاديث الأنبياء و معاني الرّموز، فهو أدرى بحاله و بسرائره من غيره و لا مانع في الإستعانة بكتابات بعض المفسّرين القدامى أو المعاصرين لفكّ رموز الرّؤيا ثمّ الرّبط بينها قبل الوقوف على دلالتها الشّاملة
كما أنّ دلالة الأشياء في المنام مرتبطة لدى الشّخص المؤمن في المقام الأوّل برمزيتها في الكتاب المقدّس الذي يتّبع تعاليمه و باقي النّصوص الدّينية كالسّنة النّبوية مثلا لدى المسلمين و قصص الأنبياء و الصّالحين، ثُمّ رمزيتها في الثقافة الشعبية و باقي الثقافات و الحضارات القديمة و المعاصرة الّتي انفتح عليها و تأثّر بها دون أن ننسى ممارساته اليومية و الأعمال الفنية و الأدبية الّتي يتعاطاها و تؤثّر في وجدانه
من الشّائع بين النّاس أنّ الرؤى لاغية إذا لم تتحقّق في غضون ثلاثة أيّام، لكنّها فكرة خاطئة و خير دليل على ذلك رؤيا نبيّ اللّه يوسف عليه السّلام الّتي قصّها على أبيه عندما كان صبيّا و لم تتحقق إلّا بعد أن كبر و صار عزيز مصر
حتى إذا أخذنا بقول الأريثيين من أمة محمد و الّذين ينكرون أمر العرفان نقول أن وحي السّماء انقطع بعد وفاة محمد رسول اللّه ولم يبقى منه سوى ما يوحي به اللّه للمؤمنين في منامهم و نضيف لذلك بعض العلامات في اليقظة الّتي يحذّرهم اللّه من خلالها أو يُبَشّرهم
***
نعود لرؤى ذلك الشّاب و الّتي تحمل في طيّاتها تفاصيلا قد تكون لها دلالات عميقة و أوجُه مختلفة تحتاج إلى تأويل دقيق، خاصّة أنّه رأى أحد الأنبياء في منامه من جديد و هو مقبل على سنّ الثلاثين، رأى نفسه جالسا في غُرفته ثمّ دخل عليه نبيّ اللّه إبراهيم عليه السّلام و كان شيخا وقورا له لحية بيضاء طويلة فنادى الشّابَّ و سلّمه شريطا أحمر
******
من أجل التّواصل راسلوني على البريد الإلكتروني
r.w.h.1439@gmail.com
Comments
Post a Comment